مدير ادارة التربية الشاملة في حوار خاص مع قادرون
في ظل التوجهات الحديثة نحو تعزيز مفهوم التعليم الدامج، تبرز أهمية إدارة التربية الشاملة في وزارة التربية والتعليم اليمنية، باعتبارها حجر الأساس في ضمان وصول التعليم لجميع الفئات، ولا سيما الطلاب من ذوي الإعاقة. وفي هذا الإطار، يسعدنا في صحيفة “قادرون” أن نلتقي بالأخ عبدالله أحمد صالح باجري، مدير عام إدارة التربية الشاملة، لنسلط الضوء على جهود الوزارة، والتحديات التي تواجه قطاع التعليم الشامل، والرؤى المستقبلية لتطوير بيئة تعليمية عادلة ومتكافئة.
في البداية، نود أن تعرّف القرّاء بإيجاز عن طبيعة عمل إدارة التربية الشاملة ودورها داخل وزارة التربية والتعليم؟
إدارة التربية الشاملة تمثل إحدى الإدارات المحورية داخل وزارة التربية والتعليم، وتُعنى بترسيخ مبدأ “التعليم للجميع”، بما في ذلك ضمان إدماج الأطفال ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة في النظام التعليمي الرسمي. نعمل على التنسيق بين الإدارات والجهات المعنية لضمان تكييف السياسات التعليمية بما يخدم التنوع في قدرات الطلاب واحتياجاتهم، مع التركيز على الإنصاف والمساواة في فرص التعليم.
ما أبرز المهام التي تتولونها شخصيًا كمدير عام لهذه الإدارة؟
أحرص كمدير عام على قيادة فريق العمل نحو تطوير سياسات تعليمية دامجة، ومتابعة تنفيذ الخطط الوطنية للتعليم الشامل، بالإضافة إلى بناء شراكات استراتيجية مع الجهات المانحة والمنظمات الدولية والمحلية. وأولي اهتمامًا خاصًا بتعزيز كفاءة الكوادر، وتوفير بيئة تعليمية صديقة للطلاب ذوي الإعاقة، مستفيدًا من تجربتي الشخصية في تجاوز التحديات.
كيف تقيّمون واقع التعليم الدامج في اليمن حاليًا؟ وما أبرز التحديات التي تواجهونه؟
واقع التعليم الدامج في اليمن لا يمكن فصله عن السياق الوطني الصعب الناتج عن الحرب والنزاع المستمر. ومع ذلك، نشهد إرادة قوية داخل الوزارة والحكومة لتعزيز هذا النهج. التحديات كثيرة، أبرزها شح الإمكانيات، ضعف البنية التحتية، وقلة الكوادر المؤهلة، إلا أننا نعمل بروح الأمل والإصرار على تهيئة بيئة أكثر شمولًا وعدلًا.
ما الخطوات التي اتخذتموها في الوزارة لتعزيز دمج الطلاب من ذوي الإعاقة في البيئة التعليمية؟
أطلقنا مجموعة من المبادرات بالتعاون مع شركائنا، شملت إعداد أدلة توجيهية للمعلمين، وإنشاء صفوف دامجة في بعض المحافظات، وإجراء تقييمات دورية لمدى جاهزية المدارس. كما نعمل على توفير وسائل تعليمية مساعدة، وإشراك أولياء الأمور والمجتمع في دعم المسار الدامج.
هل هناك خطط لتأهيل الكوادر التربوية للتعامل مع احتياجات الطلاب ذوي الإعاقات المختلفة؟
نعم، نحن نعمل على تنفيذ برامج تدريبية مستمرة بالشراكة مع منظمات دولية كاليونيسف واليونسكو، ونسعى إلى تعميم منهجية التعليم الدامج ضمن المناهج التربوية للمعلمين. نؤمن أن بناء قدرات المعلمين هو حجر الزاوية في تحقيق تحول حقيقي نحو تعليم شامل وعادل.
سمعنا عن مشاركتكم مؤخرًا في دورات تدريبية دولية مثل برنامج “مقيم ضمان جودة التعليم”. ما الأثر المتوقع لهذه المشاركة على التعليم الشامل في اليمن؟
مثل هذه البرامج تمثل فرصة لنقل أفضل الممارسات الدولية وتكييفها مع الواقع اليمني. مشاركتنا في “مقيم ضمان جودة التعليم” ستسهم في تعزيز قدراتنا على مراقبة جودة التعليم الدامج، وتصميم أدوات تقييم فعالة تعكس احتياجات جميع الطلاب، وخاصة ذوي الإعاقة.
كيف تتعامل الإدارة مع الشراكات المحلية والدولية لدعم مبادرات ذوي الهمم؟
نولي أهمية كبرى للشراكة باعتبارها وسيلة لردم الفجوة في الموارد والخبرات. وقد أقمنا تعاونات مع منظمات محلية ودولية لتوفير الدعم الفني، والمستلزمات التعليمية، وتنفيذ حملات توعوية. نؤمن أن العمل التشاركي هو مفتاح النجاح في ظل الظروف الحالية.
حدثنا عن تجربة تعيينكم سفيرًا للشبكة العربية لمبادرات ذوي الهمم، وماذا يعني لكم هذا التكليف؟
هذا التكليف شرف كبير ومسؤولية مضاعفة، فهو يعكس ثقة الإقليم العربي بقدرات اليمنيين رغم التحديات. بالنسبة لي، كفرد من ذوي الإعاقة، هو تأكيد على أن الإعاقة لا تحدّ من العطاء، بل قد تكون حافزًا لمزيد من التغيير والبذل لخدمة مجتمعاتنا.
ما أبرز إنجازات إدارة التربية الشاملة خلال العام المنصرم؟
نسعى من إدراج خطط التعليم الدامج ضمن الاستراتيجية الوطنية، مع توسيع عدد المدارس الدامجة في عدد من المحافظات، وتدريب المعلمين على مهارات التعليم المتمايز. كما قمنا بإعداد باستخراج عشر منح دراسية سنويه لهذه الفئة وبعض الأنشطة التعليمية لهم لدمجهم بشكل أكثر في المجتمع
ما رؤيتكم المستقبلية لتطوير التعليم الشامل في اليمن خلال السنوات القادمة؟
رؤيتنا ترتكز على بناء نظام تعليمي يراعي الفروقات الفردية، ويعتمد على تكنولوجيا التعليم الميسرة، ويُدمج ذوي الإعاقة في كافة مراحل التعليم. نطمح إلى أن تكون كل مدرسة يمنية بيئة آمنة وشاملة لجميع الطلاب بحلول 2030.
ما الرسالة التي تود توجيهها لأولياء الأمور ممن لديهم أطفال من ذوي الإعاقة؟
أقول لهم: أبناؤكم ليسوا عبئًا بل طاقة كامنة، فكونوا الداعم الأول لهم. أنتم شركاء حقيقيون في رحلتهم التعليمية، فلا تترددوا في المطالبة بحقوقهم والوقوف إلى جانبهم بثقة وفخر.
وماذا تقولون لصانعي القرار ومؤسسات المجتمع المدني بشأن دعم التعليم الشامل؟
أدعوهم إلى جعل التعليم الشامل أولوية وطنية، فهو ليس مجرد خيار، بل التزام أخلاقي ودستوري. وأشدد على أهمية التمويل العادل، وتكامل الجهود بين القطاعات، لضمان ألا يُترك أي طفل خلف الركب، خاصة في ظل هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها اليمن.
في ختام هذا الحوار، نثمّن الجهود الكبيرة التي يبذلها الأستاذ عبدالله باجري وفريق عمله في سبيل ترسيخ مبادئ التعليم الدامج، وتمكين ذوي الهمم من حقهم الكامل في التعليم والتأهيل. ونأمل أن تلقى هذه الجهود دعمًا واسعًا من كافة الجهات الرسمية والمجتمعية، بما يسهم في بناء منظومة تعليمية أكثر شمولًا وإنصافًا في اليمن.