ابحث في الموقع

من عتمة البصر إلى ضوء الصحافة .. حكاية ياسين التي هزمت ظلام الإعاقة

من عتمة البصر إلى ضوء الصحافة .. حكاية ياسين التي هزمت ظلام الإعاقة

في فجر يومٍ هادئ من أيام حضرموت، وتحديدًا في 14 أكتوبر 1998م، أشرقت الدنيا بميلاد طفل حمل معه نورًا خافتًا في البصر، لكنه كان مشعًا في البصيرة. كان ذلك الطفل ياسين أحمد علي بايعشوت، الذي شاءت الأقدار أن يبدأ حياته بتحدٍّ قاسٍ، إذ تعرّض أثناء ولادته لحادث سقوطٍ أفقده جزءًا من قدرته البصرية. وبين تردّي الخدمات الصحية وقلة الإمكانيات، تفاقمت حالته تدريجيًا، لينشأ في بيئة لم تكن مهيّأة لطفلٍ استثنائي مثله.

طفولة مختلفة.. وبداية متأخرة

تأخّر ياسين في الالتحاق بالتعليم بسبب وضعه الصحي والظروف المجتمعية المعقّدة، لكن القدر لم يكن ليغلق الأبواب أمام العزيمة. فالتحق لاحقًا بمدرسة الضياء لذوي الإعاقة البصرية، وهناك أظهر ذكاءً لافتًا وسرعة بديهة مكّنته من اجتياز ثلاث مراحل دراسية خلال عامٍ واحد. واصل تعليمه حتى الصف السادس، قبل أن يُنقل إلى مركز النور للمكفوفين ليستكمل المرحلة المتوسطة.

المرحلة الثانوية.. تحدٍ فوق التحديات

كان الانتقال إلى التعليم الثانوي منعطفًا صعبًا. فبعد أن اعتاد صفوفًا محدودة العدد وتعاملًا إنسانيًا، صُدم ياسين بالواقع الجديد في ثانوية الشاطئ للبنين، حيث تجاوز عدد الطلاب الـ90، ما جعل من التعليم عبر السمع تحديًا مضاعفًا وسط الضجيج والفوضى. لكنه لم يستسلم. سمع عن افتتاح ثانوية جديدة، بعيدة عن منزله، إلا أن شغفه بالعلم دفعه للالتحاق بها.

وفي ثانوية الفقيد العلامة عبدالله بن محفوظ الحداد، وجد بيئة مشجعة وأجواء أكثر هدوءًا. لم يكتفِ بالدراسة، بل انضم إلى اللجنة الإعلامية بالثانوية، ليبدأ في صقل موهبته في الإعلام مبكرًا، ويجعل من عامه الدراسي هناك محطة لا تُنسى.

وبعدها، عاد إلى ثانوية الشاطئ ليكمل مشواره، لكن هذه المرة كان مختلفًا، فقد وجد صداقاتٍ جديدة من ذات الشريحة، ومنح نفسه دفعة أخرى نحو الثبات والاستمرار، مفضّلًا الاعتماد على ذاته في التحصيل العلمي دون انتظار دعمٍ من أحد.

ما قبل الجامعة.. أملٌ لا ينطفئ

بعد الثانوية، قرر ياسين السفر إلى صنعاء، برفقة صديق مقرّب، باحثًا عن أملٍ أخير لعلاج بصره المتناقص. لم تُفلح المحاولات، لكن روحه لم تُهزم. استثمر وقته في تعلم اللغة الإنجليزية في المعهد الدولي الحديث، لأنه يدرك أن من يمتلك الأدوات لا يعرف الهزيمة.

ورغم تردّده في دخول الجامعة لغياب الأصدقاء الذين اعتاد حضورهم، اتخذ القرار، ورفع سقف طموحه. اختار “صاحبة الجلالة” ليبدأ من بوابة قسم الصحافة والإعلام بجامعة حضرموت، رحلة جديدة نحو التميّز.

في الجامعة.. حيث تُكتب الحكاية

واجه ياسين تحديات التعليم الأكاديمي بجرأة. لم يكن طريقه مفروشًا بالورود، بل كان مليئًا بعقباتٍ إدارية ومواقف تحتاج إلى صبر وعزيمة، لكن كل ذلك لم يوقفه. آمن بنفسه، وسعى لإثبات ذاته بين زملائه، وتمسك بحلمه حتى اللحظة الأخيرة.

وبعد سنوات من الجهد والاجتهاد، كتب ياسين بايعشوت فصله الأخير من قصة كفاحه، ليصبح أول طالب من ذوي الإعاقة البصرية يتخرج من قسم الصحافة والإعلام بجامعة حضرموت. لم تكن مجرد شهادة، بل كانت إعلانًا عن ميلاد قصة نجاح تلهم، ورسالة لكل من تردّد، بأن الإعاقة لا تعني النهاية، بل قد تكون بداية لمسار استثنائي.

“قادرون” تفخر بأن تكون جزءًا من هذه القصة، شاهدة على بطلٍ صنع المجد من بين ركام المعاناة، ورسم لنفسه طريقًا نحو الأمل والإبداع.

مواقيت الصلاة - المكلا

اليوم: الثلاثاء

التاريخ الميلادي: 01-07-2025

التاريخ الهجري: 06-01-1447

الوقت المتبقي حتى العصر:
الصلاةالوقت
الفجر3:56 ص
الشروق5:18 ص
الظهر11:47 ص
العصر3:12 م
المغرب6:17 م
العشاء7:47 م
تعليقات (0)
إغلاق