هدى عمر حفيض المقدي: نور يبدد الظلام ويصنع الأمل

وُلدت هدى عمر حفيض المقدي عام 1993م في مديرية الديس الشرقية بمحافظة حضرموت. وُلدت كفيفة، لكنها امتلكت منذ طفولتها روحًا لا تعرف الاستسلام، وقلبًا يُبصر النور في كل تحدٍّ. كانت أحلامها تتجاوز حدود الظلام، تغذيها عزيمة راسخة وإيمان داخلي بأن الإرادة تصنع المستحيل.

على مقاعد الدراسة… بحث دائم عن النور
بدأت هدى مشوارها الدراسي في مدرسة مخبال بمحافظة المهرة، وسط بيئة تعليمية غير مهيأة للمكفوفين، حيث غابت المناهج الخاصة وتضاعفت التحديات. ومع ذلك، واجهت كل يوم دراسي بإصرار، مصممة على تحصيل العلم رغم قسوة الواقع. أكملت تعليمها الأساسي لاحقًا في مسقط رأسها بالديس الشرقية، مؤكدة أن الإرادة الصلبة قادرة على كسر القيود وفتح الأبواب المغلقة.

رحلة الثانوية… الأمل يزهر رغم الصعوبات
واصلت هدى دراستها في المرحلة الثانوية بعزيمة أقوى، رغم غياب الوسائل التعليمية المناسبة وتعقيد المناهج الدراسية. لكن إيمانها بأن لكل تعب ثمرة، كان وقودها للاستمرار والتقدم، حتى باتت أقرب من أي وقت مضى إلى حلمها الكبير.

في الجامعة… لحظة التخرج تتفوق على كأس العالم
عام 2014م لم يكن عامًا عاديًا بالنسبة لهدى، فقد تُوّجت فيه بشهادة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة حضرموت، بعد سنوات من التحديات والصبر. لم تكن تتابع مباريات كأس العالم كما فعل الملايين، بل كانت تحتفل بنجاحٍ صنعته بشق الأنفس، ووقفت على منصة التخرج كدليل حي على أن الطموح لا يعترف بالإعاقة.

رغم غياب المناهج الصوتية وصعوبة التنقل، فضلاً عن نظرات الاستغراب من وجود كفيفة في قسم الإعلام، استطاعت هدى تجاوز العقبات بدعم أسرتها، ومساندة زملائها، وإيمانها العميق بقدراتها.

في ميدان الإعلام… صوت يتحدى الصمت
لم تكتفِ هدى بشهادة التخرج، بل انطلقت نحو عالم الإذاعة، لتصبح صوتًا نابضًا بالأمل والتحدي. بدأت مشوارها الإعلامي في إذاعة “سلامتك إف إم”، وقدّمت برنامجها الأول “أنا وإعاقتي”، الذي فتح نافذة للحديث عن قضايا ذوي الإعاقة، وأسهم في نشر قصصهم الملهمة.

كما تألقت في برنامج “بصائرهم تحكي عنهم”، والذي سلط الضوء على قصص نجاح المكفوفين، مؤكدًا أن العجز الحقيقي ليس في الجسد، بل في غياب الإرادة.

وتوجه هدى شكرها وامتنانها للأستاذ صلاح أحمد العماري، مدير إذاعة “سلامتك إف إم”، على دعمه المتواصل وفتح أبواب الإذاعة أمامها، ما مكّنها من تحقيق حلمها الإعلامي وصقل تجربتها المهنية.

رسالة أمل… لكل حلم طريق
هدى عمر حفيض المقدي ليست مجرد إعلامية ناجحة، بل أيقونة أمل ونموذج يُحتذى به في الإرادة والتحدي. قصتها رسالة لكل من يعتقد أن الطريق مظلم، بأن النور الحقيقي ينبع من داخلنا، وأن بالإصرار والعمل يمكن للإنسان أن يحقق ما يبدو مستحيلاً.

في عام 2014، وبينما كانت أنظار العالم مشدودة نحو المونديال، كانت هدى تخوض بطولتها الخاصة، وتُتوَّج بوسام النجاح. هذه هي حكاية فتاة لم تبصر النور بعينيها، لكنها أضاءت دروب الحياة بإيمانها وحبها لما تفعل.