التكنولوجيا… بوابة الإبداع لذوي الإعاقة
في عالم يتسارع فيه التطور التقني بشكل غير مسبوق، باتت التكنولوجيا لا تُعد مجرد وسيلة للراحة أو الترف، بل أصبحت أداة للتمكين، وخاصةً لذوي الاحتياجات الخاصة الذين أثبتوا، بفضلها، أن التحدي لا يعيق الإبداع، بل قد يصنعه.
إن ذوي الاحتياجات الخاصة ليسوا فئة مهمّشة كما ظن البعض في السابق، بل هم طاقات كامنة، قادرة على العطاء، والابتكار، والمشاركة بفعالية في تنمية المجتمع، إذا ما أتيحت لهم الأدوات المناسبة. وهنا تأتي التكنولوجيا لتلعب دور البطولة، فبفضل التقدم التقني أصبحت الحواجز تتلاشى شيئًا فشيئًا.
لغة برايل، التي كانت ثورة في زمنها، لا تزال تمثل وسيلة جوهرية في تعليم المكفوفين وإيصال المعرفة إليهم، ولكنها اليوم تقف جنبًا إلى جنب مع تقنيات أكثر حداثة، مثل الناطق الصوتي الذي يُمكّن فاقدي البصر من تصفح الهواتف الذكية، وقراءة النصوص، والتفاعل مع الأجهزة كما يفعل غيرهم تمامًا.
أما ذوو الإعاقات الحركية، فقد وفرت لهم التكنولوجيا الكراسي المتحركة الذكية، والأذرع الآلية، وأنظمة التحكم عن طريق الصوت أو حتى العين، ليتحول التحدي إلى فرصة، والعجز إلى قدرة على تحقيق الاستقلالية والاعتماد على النفس.
الفئة الصماء والبكم، أيضًا، لم تكن بمعزل عن هذا التطور؛ فقد ظهرت تطبيقات الترجمة الفورية للغة الإشارة، وأجهزة لقراءة الشفاه، تتيح لهم التفاعل الفوري مع محيطهم، سواء في مؤسسات التعليم أو في بيئات العمل.
لكن الأهم من ذلك كله، هو أن ذوي الاحتياجات الخاصة لم يكونوا فقط مستفيدين من هذه التكنولوجيا، بل صاروا مبتكرين فيها. نرى اليوم مخترعين ومبرمجين ومبدعين من ذوي الإعاقات يقدمون حلولًا تقنية تُدهش العالم، ويبرهنون بأن الإبداع لا يعرف قيدًا جسديًا.
إننا أمام مرحلة جديدة من الوعي والتمكين، حيث أصبح بالإمكان، بفضل التكنولوجيا، أن نشهد على إبداعات تفوق الخيال، من فئات لطالما ظن البعض أنها لا تستطيع.
ومن هنا، تدعو صحيفة “قادرون” كافة الجهات التعليمية والتقنية والمؤسسات الخاصة والحكومية إلى الاستثمار في هذه الفئة، وتوسيع نطاق الابتكار الموجه لخدمتهم، لأن في كل فرد منهم بذرة عبقرية، تنتظر من يسقيها بالفرصة.
ذوو الاحتياجات الخاصة ليسوا أقل من غيرهم… بل قادرون، وبتقنيات اليوم، هم أقدر على رسم مستقبل لا حدود له.